





في العصر الرقمي الحديث، أصبحت التكنولوجيا جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، حيث تعتمد البشرية بشكل متزايد على الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي وتطبيقات الذكاء الاصطناعي كمصادر رئيسية للأخبار والمعلومات. لكن مع هذا الاعتماد المتزايد تأتي تحديات جديدة، أبرزها تزييف الوعي ونشر الأخبار الكاذبة والمضللة. تسهم هذه الأدوات بطرق عدة في تضليل المجتمع والتلاعب بآرائه، مما يهدد استقرار المجتمع وسلامته. سنستعرض معا كيف يتم استخدام هذه التقنيات لنشر الأخبار الكاذبة، مخاطرها، وكيفية كشفها، وطرق الوقاية منها.
أولًا: أستخدام التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في نشر الأخبار الكاذبة
أحدث الذكاء الاصطناعي نقلة نوعية في إنشاء المحتوى الرقمي. حيث يمكن للخوارزميات الحديثة مثل تقنيات “التزييف العميق” (Deepfake) إنتاج فيديوهات مزيفة تبدو واقعية تمامًا، وتجعل الشخصيات تقول أو تفعل ما لم يحدث. تستخدم هذه التقنية في نشر الفيديوهات والأصوات المضللة لتشويه الحقائق وبث الاضطرابات.
يتم استخدام الروبوتات البرمجية (Bots) في تضخيم ونشر الأخبار المضللة عبر منصات التواصل الاجتماعي. إذ تقوم هذه البوتات بإنشاء حسابات وهمية تشارك وتعيد نشر المعلومات بشكل متكرر، مما يعطي شعورًا بأن هذه الأخبار تحظى بقبول واسع ومصداقية بين المستخدمين.
تعتمد منصات التواصل الاجتماعي على خوارزميات معينة لتحديد المحتوى الذي يراه المستخدم. يستغل مروجو الأخبار الكاذبة هذه الخوارزميات لزيادة انتشار محتواهم عن طريق إشراك المستخدمين بشكل أكبر عبر عناوين مثيرة وصور جذابة، مما يعزز من انتشار الأخبار الكاذبة وظهورها في مقدمة اهتمامات المستخدمين.
تستخدم شركات الدعاية وأحيانًا جهات غير مسؤولة بيانات المستخدمين السلوكية للتأثير في ميولهم وآرائهم. يتم استهداف الأفراد بالإعلانات والمحتوى المضلل بناءً على تحليل بياناتهم السلوكية والشخصية، مما يسهل التلاعب بآرائهم وتوجيهها دون وعي منهم.
ثانيًا: مخاطر تزييف الوعي ونشر الأخبار الكاذبة
تمثل الأخبار الكاذبة تهديدًا للاستقرار السياسي والاجتماعي في المجتمعات، حيث يمكن استخدامها لنشر الفتن والتحريض على العنف وتضليل الرأي العام، مما يساهم في زعزعة الأمن العام.
يؤدي الانتشار الواسع للأخبار الكاذبة إلى تقويض ثقة الجمهور بوسائل الإعلام، حيث يصبح من الصعب التفريق بين الأخبار الحقيقية والزائفة، مما يدفع الناس إلى فقدان الثقة في مصادر المعلومات بشكل عام.
تساهم الأخبار الكاذبة والمضللة في إثارة القلق والخوف بين الجمهور، خاصة عند تناول مواضيع حساسة مثل الكوارث والأوبئة والحروب. يؤدي ذلك إلى زيادة معدلات الاكتئاب والاضطرابات النفسية نتيجة المعلومات المزيفة.
تؤدي الأخبار المضللة إلى خسائر اقتصادية فادحة، حيث قد يتأثر سوق الأسهم أو سعر المنتجات بناءً على إشاعات وأخبار غير صحيحة، مما يضر بمصالح الشركات ويؤدي لخسائر مادية كبيرة.
ثالثًا: طرق كشف الأخبار الكاذبة والتعامل معها
من الضروري تثقيف المستخدمين حول كيفية التحقق من صحة الأخبار والمصادر قبل نشرها أو تكرارها. ينبغي التركيز على تعزيز مهارات التفكير النقدي وفهم كيفية عمل وسائل الإعلام الحديثة.
تتوفر حاليًا أدوات وتقنيات رقمية للتحقق من صحة الأخبار مثل
( Google Fact Check – TinEye – Snopes)، والتي تساعد المستخدمين على التحقق من الصور والمحتوى النصي والفيديوهات.
تعمل الكثير من الجهات على تطوير أدوات لكشف التزييف العميق عبر تحليل بيانات الفيديو والصوت للتعرف على أي تلاعب. تتضمن هذه التقنيات تحليلات دقيقة للكشف عن تشوهات غير ملحوظة في الصوت والصورة، مما يسهل من مهمة التفريق بين المحتوى الحقيقي والمزور.
تحتاج الحكومات إلى سن قوانين وتشريعات واضحة لمعاقبة الجهات التي تروج للأخبار الكاذبة، وتكثيف التعاون مع شركات التواصل الاجتماعي لإزالة المحتوى المضلل بسرعة وفعالية.
يجب على منصات التواصل الاجتماعي مراقبة خوارزمياتها وتحسينها بشكل يمنع الترويج المتعمد للأخبار الكاذبة. كما ينبغي عليها تحسين آليات مراقبة المحتوى واتخاذ خطوات جدية للحد من انتشار الأخبار المضللة.
إن مواجهة تحدي تزييف الوعي ونشر الأخبار الكاذبة عبر التكنولوجيا يتطلب تضافر الجهود بين الأفراد والمؤسسات والحكومات، وتعزيز التعاون بين شركات التكنولوجيا وخبراء الأمن الإلكتروني. تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي يمكن أن تكون أداة فعالة في التصدي للأخبار الكاذبة بدلاً من استخدامها للتلاعب بالوعي. يعتمد التصدي لظاهرة الأخبار الكاذبة على وعينا الجماعي وفهمنا الصحيح لكيفية عمل هذه الأدوات الرقمية.(الوعي قضية وطن)



